إن ما يحدد مستقبلك المالي، هو مقدار المال الذي تستطيع أن تبقيه دون إنفاق، لا مقدار المال الذي تحصل عليه. كثيرا ما يحدث في عُمر المرء منا أن تهبط عليه ثروات لم يكن يتوقعها، أو يتمتع برواج تجاري ينتج عنه زيادة الدخل المادي، لكن هذه الانفراجة ليست المقياس الصادق لحريتك المالية، فكم من هذا المال استطعت أن تحافظ عليه، وكم أنفقت منه، هو المؤشر الحقيقي الصادق. الناجحون يجنبون مثل هذه الزيادات لسداد ديون وللاستثمار وللادخار، وللاستعداد حين تنقلب الآية ويجف المورد المالي.
ترتفع النفقات لتعادل الدخل. على بساطة هذا القانون وبداهته، لكنه يفسر لماذا يعمل الرجل طوال حياته، ثم يتقاعد فقيرا معدما. إذا أردت أن تنال حريتك المالية، وتكسب المال، ابدأ عبر كسر هذا القانون، عبر الخروج من هذه الدوامة. لا يهم كم المال الذي يحصل عليه الناس، فهم يميلون غريزيا لإنفاقه كله وزيادة.
نكسب كلنا اليوم، أكثر مما كنا نكسبه منذ أن بدأنا نعمل، لكننا ربما كنا أفضل حالا وقتها، لأننا لم نثقل كاهلنا بكل هذه الديون والمشتريات والنفقات والمصاريف. إذا أردت أن تكون أفضل حالا، فعليك أن تقاوم الرغبة الداخلية في إنفاق الزيادة / العلاوة / المنحة المالية القادمة، كذلك، عليك أن تجعل النفقات تتزايد بمعدل أقل من معدل الزيادة في الدخل المالي. الفرق الذي يتحقق وقتها يجب أن يذهب في الاستثمار والادخار. يجب أن تضع حاجزا كبيرا بين الزيادة في دخلك وبين زيادة نفقاتك.
احرص على ادخار نصف أي زيادة مالية غير متوقعة في الدخل، ولا تنس أنه لا زال لديك النصف الآخر لتفعل به ما تريد. (فقراء المستقبل سيقولون هذا بخل – أحرار المستقبل سيقولون هذه الحكمة).
تتحقق الحرية المالية عبر ثلاثة أفعال: الادخار، التأمين، الاستثمار. أنت مسئول عن نفسك، وعمن تعول، ولذا عليك بناء قلعة مالية تحميك وتحميهم، عبر توزيع دخلك ما بين هؤلاء الثلاثة.
الادخار: أنت بحاجة لتوفير مخصص مالي يكفيك من شهرين إلى ستة في حال فقدت وظيفتك وانقطع دخلك المالي، وهذا يجب أن يكون هدفك المالي الأول. هذا المخصص تضعه في استثمار مضمون يمكن تسييله بسهولة.
عندما تفعل ذلك، ستشعر بأمان أكثر، ويقل قلقك، ما يجعلك قادرا على التفكير بشكل أفضل، في مستقبلك وفي استثماراتك، بدلا من تضييع هذه القدرة التفكيرية في القلق من تأخر راتبك المقبل أو من سيدفع فاتورة الطعام والشراب.
التأمين: يجب أن تكون خاضعا لبرنامج تأميني يحميك من الطوارئ (تأمين صحي، على السيارة،…) – ولأن فكرة التأمين غير متفق عليها من جانب العلماء في الإسلام، لذا أوردتها هنا باختصار، وعلى من يريد، تحري الأمر ومعرفة أسباب الخلاف والتدبر فيها.
الاستثمار: غاية أهدافك المالية في الحياة يجب أن تكون إكثار الاستثمار حتى تبدأ عوائده في الزيادة بحيث تفوق راتبك الشهري من العمل، ساعتها تتقاعد وتبدأ تركز في إدارة هذه الأصول.
تنقسم حياة كل منا إلى مراحل ثلاثة، تداخلت أو انفصلت لا يهم، هي سنوات التعلم، ثم سنوات كسب المال (لنقل من 20 حتى 65)، ثم مرحلة التقاعد. لا أظنك تخطيت مرحلة كسب المال بعد، لذا ابدأ من اليوم، ادخر واستثمر وفكر ليلا ونهارا في طرق الاستثمار الممكنة لك.ترجمة رؤوف شبابيك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق